سورة العنكبوت - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (العنكبوت)


        


قوله تعالى: {ولا تُجادِلوا أهل الكتاب إِلاَّ بالَّتي هي أحسن} في التي هي أحسن ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها لا إِله إلا الله، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أنها الكفُّ عنهم إِذا بذلوا الجزية، فان أبَواْ قوتِلوا، قاله مجاهد.
والثالث: أنها القرآن والدُّعاء إِلى الله بالآيات والحُجج.
قوله تعالى: {إِلاَّ الذين ظَلَموا منهم} وهم الذين نصبوا الحرب وأبَواْ أن يؤدُّوا الجزية، فجادِلوا هؤلاء بالسيف حتى يُسْلِموا أو يُعطوا الجزية {وقولوا} لِمَن أدَّى الجزية منهم إِذا أخبركم بشيء ممَّا في كتبهم {آمَنَّا بالذي أُنْزل إِلينا وأُنْزل إِليكم...} الآية. وقد روى أبو هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسِّرونها بالعربية لأهل الإِسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصدِّقوا أهل الكتاب ولا تكذِّبوهم وقولوا {آمنَّا بالذي أُنزل إِلينا وأُنزل إِليكم} الآية».
فصل:
واختُلف في نسخ هذه الآية على قولين.
أحدهما: أنها نُسخت بقوله تعالى: {قاتِلوا الذين لا يؤمِنون بالله...} [التوبة: 29] إِلى قوله: {وهم صاغرون} [التوبة: 29] قاله قتادة، والكلبي.
والثاني: أنها ثابتة الحكم، وهو مذهب ابن زيد.


قوله تعالى: {وكذلك} أي: وكما أنزلنا الكتاب عليهم، {أنزَلْنا إِليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمِنون به} يعني مؤمني أهل الكتاب {ومِنْ هؤلاء} يعني أهل مكة {مَنْ يؤمِن به} وهم الذين أسلموا {وما يَجْحَد بآياتنا إِلاَّ الكافرون} قال قتادة: إِنَّما يكون الجَحْد بعد المعرفة. قال مقاتل: وهم اليهود.
قوله تعالى: {وما كنتَ تتلو مِنْ قَبْله مِنْ كِتَاب} قال أبو عبيدة: مجازه: ما كنت تقرأ قبله كتاباً، و{مِن} زائدة. فأما الهاء في {قَبْله} فهي عائدة إِلى القرآن. والمعنى: ما كنتَ قارئاً قبل الوحي ولا كاتباً، وهكذا كانت صفته في التوراة والإِنجيل أنَّه أُمِّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وهذا يدلّ على ان الذي جاء به، من عند الله تعالى.
قوله تعالى: {إِذاً لارتاب المُبْطِلون} أي: لو كنتَ قارئاً كاتباً لشكَّ اليهودُ فيكَ، ولقالوا: ليست هذه صفته في كتابنا. والمُبْطِلون: الذين يأتون بالباطل، وفيهم هاهنا قولان:
أحدهما: كفار قريش، قاله مجاهد.
والثاني: كفار اليهود، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {بل هو آياتٌ بيِّناتٌ} في المكنيِّ عنه قولان:
أحدهما: أنه النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم، ثم في معنى الكلام قولان:
أحدهما: أن المعنى: بل وجْدانُ أهل الكتاب في كتبهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يكتب ولا يقرأ، وأنه أُمِّيٌّ، آياتٌ بيِّنات في صدورهم، وهذا مذهب ابن عباس، والضحاك، وابن جريج.
والثاني: أن المعنى: بل محمد ذو آيات بيِّنات في صدور الذين أوتوا العِلْم من أهل الكتاب، لأنَّهم يجدونه بنعته وصفته، قاله قتادة.
والثاني: أنه القرآن، والذين أوتوا العلم: المؤمنون الذين حملوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملوه بعده. وإِنما أُعطي الحفظ هذه الأمة، وكان مَنْ قبلهم لا يقرؤون كتابهم إِلاَّ نظراً، فاذا أطبقوه لم يحفظوا ما فيه سوى الأنبياء، وهذا قول الحسن.
وفي المراد بالظالمين هاهنا قولان:
أحدهما: المشركون، قاله ابن عباس.
والثاني: كفار اليهود، قاله مقاتل.


قوله تعالى: {وقالوا} يعني كفار مكة {لولا أُنزل عليه آياتٌ مِنْ ربِّه} قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: {آياتٌ} على الجمع. وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {آيةٌ} على التوحيد. وإِنما أرادوا: كآيات الأنبياء {قُلْ إِنَّما الآياتُ عند الله} أي: هو القادر على إِرسالها، وليست بيدي. وزعم بعض علماء التفسير أن قوله: {وإِنَّما أنا نذير مُبِين} منسوخ بآية السيف.
ثم بيَّن اللّهُ عز وجل أن القرآن يكفي من الآيات التي سألوها بقوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهم أنَّا أَنزلنا عليكَ الكتاب}؟! وذكر يحيى بن جعدة أن ناساً من المسلمين أتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتب قد كتبوها، فيها بعض ما يقول اليهود، فلمَّا نظر إِليها ألقاها وقال: «كفى بها حماقة قوم، أو ضلالة قوم، أن يرغبوا عمَّا جاء به نبيُّهم إِلى قوم غيرهم»، فنزلت: {أَوَلَمْ يَكْفِهم} إِلى آخر الآية.
قوله تعالى: {قُلْ كفى بالله} قال المفسرون: لمَّا كذَّبوا بالقرآن نزلت: {قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً} يَشهَد لي أنِّي رسوله، ويشهد عليكم بالتكذيب، وشهادةُ الله له: إِثبات المعجزة له بانزال الكتاب عليه، {والذين آمنوا بالباطل} قال ابن عباس: بغير الله. وقال مقاتل: بعبادة الشيطان.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8